أخطاء في القطعة الامتحانيَّة

يسري سلال 26 أبريل 2018 | 11:22 م الامتحانات .. نظرة نقديَّة 1040 مشاهدة

أخطاء في القطعة الامتحانيَّة

دراسة للأستاذ/ يسري سلال .. برعاية موقع نحو دوت كوم

أوَّلا: أخطاء موضوعيَّة
1 – طلب صياغة اسم الفاعل واسم المفعول من نفس الفعل:
لا يمكن صياغة اسم الفاعل واسم المفعول من نفس الفعل على الإطلاق .. وهذا خطأ لا يليق بواضع امتحان

.. فاسم الفاعل يُشتَقُّ من فعلٍ مبنيٍّ للمعلوم .. بينما لا يمكن صياغة اسم المفعول إلا من الفعل المبنيِّ

للمجهول .. فكيف تطلب من الطَّالب صياغة اسم المفعول من الفعل (صام ) متوقِّعًا منه أن يجيب

بـ (مَصوم ) ؟ وكيف يُعقَل أن يكون (مَن صام ) (مَصومًا ) ؟ وكيف تطلب منه صياغة اسمي الفاعل

والمفعول من الفعل (كتب ) .. ليجيبك بثقة: كاتب، ومكتوب .. فكيف يمكن أن يكون (مَن كتب ) : كاتبًا،

ومكتوبًا .. في نفس الوقت؟!!

2 – التِّلميذ يؤدِّي واجبه. استبدل الفعل باسم الفاعل، وأعد كتابة الجملة.
في هذا السُّؤال خطأ بيِّن بالصِّياغة .. فالصِّياغة الصَّحيحة: استبدل بالفعل اسم الفاعل .. لأنَّ الباء

تدخل على المتروك .. وأنتَ إذا كنتَ قد تخلَّصتَ من ملابسك القديمة .. واشتريتَ ملابس جديدة .. فلا

يجوز لك أن تقول: استبدلتُ ملابسي القديمة بملابس جديدة .. وإلا انعكس المعنى .. ولكنَّ الصَّواب أن

تقول: استبدلتُ بملابسي القديمة ملابس جديدة .. وفي القرآن: “أتستبدلون الذي أدنى بالذي هو خير “

، وفي الآية استفهام غرضه التَّعجُّب والاستنكار من قِبل الله – عزَّ وجلَّ – لمَن يترك ما هو خير (الدِّين )

مثلا .. إلى ما هو أدني (كالدُّنيا مثلا ) .. فلم يقل الله – سبحانه – إنَّهم استبدلوا الذي هو خير بالذي هو

أدنى .. وإنَّما العكس هو الصَّحيح.

3 – اكشف في المعجم عن كلمة (سمة ) .
خطأ آخر في الصِّياغة .. فالكشف في المعجم في مناهج النَّحو نظريٌّ لا عمليٌّ .. فأنتَ لا تعطي الطَّالب معجمًا

ليبحث فيه .. ولذا فالصِّياغة الصَّحيحة للسُّؤال هي: بيِّن كيف تكشف في المعجم عن معنى كلمة (سمة ) .
ملاحظة:
يجرُّنا ذلك إلى مسألةٍ مهمَّةٍ وملحَّةٍ .. وهي ضرورة أن يكون الكشف في المعجم في مناهجنا عمليًّا لا

نظريًّا .. ونحن ننادي بذلك .. حتَّى لا نحرم الطَّالب من مهارةٍ تُعَدُّ من أهمِّ مهارات اللغة العربيَّة.

ثانيًا: أخطاء وملاحظات عامَّة:
1 – وجود أخطاء نحويَّة وإملائيَّة في القطعة الامتحانيَّة:
أطالع بعض نماذج امتحانات النَّحو فتدور بي الدُّنيا .. وأشيب هولا .. من كمِّ الأخطاء النَّحويَّة والإملائيَّة

بالامتحان .. ورغم أنَّ كلَّ إنسان خطَّاء .. إلا أنَّني أنادي بالتَّعامل بكلِّ حزمٍ مع واضعي أي امتحان (تكثر )

فيه الأخطاء النَّحويَّة والإملائيَّة .. لأنَّ هذه أبشع إساءة .. ليس لواضع الامتحان فقط .. ولا لطلابه الذين

يستخفُّ بهم .. وإنَّما الإساءة بالأساس موجَّهةٌ للغة العربيَّة .. ويجب أن نتصدَّى بكلِّ حسمٍ لهذه الخفَّة ..

فإذا كنتَ لا تجد وقتًا لتدقيق الامتحان .. فلماذا تسيء لنفسك بقبول مهمَّة وضعه؟

2 – بعض معلِّمي اللغة العربيَّة لا يقيمون وزنًا لعلامات التَّرقيم .. خصوصًا في امتحاناتهم .. وهي مأساةٌ

مكتملة الأركان .. فليست المشكلة في عدم الاهتمام ببابٍ أصيلٍ من أبواب اللغة العربيَّة .. ولا بعدم تعويد

طلابهم على إجادة توظيفها .. وإنَّما المشكلة الكبرى هي التَّحقير من شأنها .. وإنكار أهمّيتها .. وتبرير

تهميشها .. بادِّعاء أنَّها ليست مهمَّة .. وسامح الله كلَّ مَن يقول بذلك .. أو يكرِّسه في نفوس طلابه ..

وإنَّني أتساءل في مرارةٍ: كم مدرِّسًا للنَّحو على مستوى الجمهوريَّة يشرح موضوع المنادى .. وينبِّه على

طلابه بضرورة وضع الفاصلة (الفصلة ) بعد المنادى؟ وكم معلِّمًا منهم يدرك الحكمة من وضع الفاصلة

بعد المنادى؟ إنَّني أعرف معلِّمًا متمكِّنًا في النَّحو علَّق على ملاحظة أحد طلابه حول عدم وضعه للفاصلة

بعد المنادى .. قائلا في سخريةٍ: وما أهمِّيَّة ذلك؟
لا يدرك أخونا .. غفر الله لنا وله .. أنَّ علماء اللغة – جزاهم الله عنَّا خيرًا – ما فكَّروا في إضافةٍ إلا لسببٍ

ومبرِّرٍ .. وواللهِ الذي لا إله إلا هو .. إنَّ أهمِّ مواضع الفاصلة في اللغة العربيَّة على الإطلاق – في رأيي – هو وضعها بعد المنادى .. وقد خدم مَن فكَّر في ذلك اللغة العربيَّة أعظم خدمة .. فالمنادى خمسة أنواع .. ووضع الفاصلة بعد المنادى ييسِّر على الطَّالب تحديد نوع المنادى.
لذلك فإنَّ على مَن يتصدَّى لمهمَّة وضع الامتحان أن يوظِّف علامات التَّرقيم في الامتحان .. وأن يفعِّلها .. وأن يدقِّقها .. بحيث تُستخدَم كلُّ علامة ترقيمٍ في موضعها الصَّحيح .. بما يرسِّخ في نفوس التَّلاميذ مدى أهمِّيَّة علامات التَّرقيم في اللغة العربيَّة.

3 – عدم مناسبة السُّؤال للمرحلة السِّنِّيَّة المستهدفة:
وخير مثالٍ على ذلك هو أن تتوجَّه بالسُّؤال التَّالي – على سبيل المثال – لطلبة الصَّفِّ الثَّالث الإعداديِّ (الفصل الدِّراسيُّ الثَّاني ) .. أو لطلبة الصَّفِّ الأوَّل الثَّانويِّ (الفصل الدِّراسيُّ الثاني ) : أنتَ الأعلى قدرًا. خاطب بالعبارة السَّابقة المثنَى المؤنَّث، وأعد كتابة الجملة.
وواللهِ الذي لا إله إلا هو إنَّني أعضُّ أناملي غيظًا عندما أطالع هذا السُّؤال!!
والمشكلة أنَّ درس اسم التَّفضيل يتمُّ دراسته على ثلاث مراحل:
أ – في الصَّفِّ الثَّالث الإعداديِّ (الفصل الدِّراسيّ الثَّاني ) .. حيث يتعلَّم الطَّالب في هذه المرحلة طريقة صياغة اسم التَّفضيل.
ب – ثمَّ يعود طلاب الصَّفِّ الأوَّل الثَّانويِّ (الفصل الدِّراسيّ الثَّاني ) لدراسة اسم التَّفضيل .. عندما يكون مؤنَّثًا على وزن (فُعلى ) .. بوصفه اسمًا مقصورًا.
ج – ومن جديدٍ يعود طلاب الصَّفِّ الثَّالث الثَّانويِّ لدراسة اسم التَّفضيل .. ولكن من حيث حالاته في هذه المرَّة .. وطريقة تثنيته وجمعه في جميع أحواله.
والسُّؤال – بصيغته السَّابقة – لا يمكن توجيهه إلا لطلاب الصَّفِّ الثَّالث الثَّانوي .. لأنَّهم وحدهم .. ودون غيرهم .. مَن يعرفون أنَّ اسم التَّفضيل الوارد في الجملة معرَّف بـ (أل ) .. ولذلك فإنَّه يجب أن يطابق الاسم المفضَّل قبله .. فيتغيَّر معه وبتغيُّره .. وفي الجملة يجب أن يطابق اسم التَّفضيل الاسم المفضَّل في الجملة الجديدة .. فيتحوَّل إلى المفرد المؤنَّث أوَّلا: العليا .. ثمَّ يُثَنَّى: العلييان .. فكيف لطالب الصَّفِّ الأوَّل الثَّانويِّ أن يعرف ذلك؟ لا .. بل وكيف لطالب الصَّفِّ الثَّالث الإعداديِّ أن يدركه؟!!

4 – من أشنع المخالفات .. وأكثرها انتشارًا .. أن يُكَلَّف معلِّم أو معلِّمة بوضع امتحانٍ .. فـ (يستسهل ) ويذهب إلى أحد الكتب الخارجيَّة فينسخ الامتحان!!
يا أخي الحبيب .. ويا أختي الفاضلة .. إذا لم تكونا قادرين على صياغة امتحانٍ من بنات أفكاركما .. فلماذا تضعان أنفسكما في هذا الموضع المشين؟ وما فائدة تكليف معلِّم (لغة عربيَّة ) بوضع امتحان (اللغة العربيَّة ) .. ما دام نفس هذا العمل يمكن أن يقوم به معلِّم (لغة إنجليزيَّة ) مثلا .. يمكنه أن ينسخ امتحانًا لـ (اللغة العربيَّة ) من أيِّ كتاب ويتقدَّم به بدلا منك؟!!

5 – من أكثر ما يدهشني أن أرى تكالب الكثير من الزُّملاء أحيانًا على وضع الامتحان .. دون أن يتوقَّف أحدهم لحظةً ليسأل نفسه عن مدى (أهليَّته ) لتحمُّل هذه المسئوليَّة .. طبعًا أنا لا أقصد الإساءة .. ولا أنتقص من شأن أحد .. وإنَّما أتمنَّى أن يدرك الجميع الحقائق التَّالية:
أ – وضع الامتحان تكليفٌ .. لا تشريفٌ.
ب – وضع الامتحان مسئوليَّة عظيمة .. لا تقلُ عن مسئوليَّة الحاكم عن شعبه .. وهي مسئوليَّةٌ ثقيلة التَّبعات .. وسيحاسبنا الله عليها حسابًا عسيرًا .. فأيُّ خللٍ أو خطأ أو انحراف أو زيغ .. عواقبه وخيمة .. وإذا تسبَّبت في حرمان طالبٍ من درجةٍ يستحقُّها .. فستحمل مسئوليَّة عظيمةً أمام الله .. وواللهِ ما كُلِّفتُ بوضع امتحانٍ .. إلا وفررتُ منه فرار الفريسة من الأسد .. وأنا هنا لا أدعوكم بأيِّ حالٍ من الأحوال .. إلى التَّهرُّب من المسئوليَّة .. وإنَّما في الحقيقة أأذكِّركم – وأذكِّر نفسي – بأنَّه “رحم الله امرءًا عرف قدر نفسه ” .. وأنَّه من الحكمة أن ننزل أنفسنا منازلها .. فإذا لم تكن واثقًا كلَّ الثقة من قدرتك على وضع امتحانٍ يخاطب الطلاب بمستوياتهم المختلفة .. متوازنًا .. خاليًا من الأخطاء بأنواعها .. فرجائي .. لا تظلم نفسك بقبول هذه المهمَّة الثَّقيلة.
ج – ليس كلُّ معلِّمٍ متمكِّنٍ في النَّحو .. يصلح لوضع الامتحان .. وإنَّما وضع الامتحان فنٌّ لا يُلِمُّ به إلا القليلون.

وكالعادة .. إذا أعجبكم المحتوى .. فرجائي ألا تنسوني من دعائكم أوَّلا .. وألا تحرموني ثانيًا من شرف مشاركة المنشور .. ليطَّلع عليه أكبر عددٍ ممكنٍ من الإخوة .. لتعمَّ الفائدة .. وتشاركني في الثَّواب.

سؤال للماهرين من الإخوة:
ما نوع الاسم المشتقِّ بين الأقواس في الجملتين التَّاليتين:
1 – مصر دولة (مَهيبة ) .
2 – عقوق الوالدَين جريمة (مَقيتة ) ؟

ملاحظة:

يمكنكم – إن شئتم – قراءة المقال .. من خلال حسابنا الشَّخصيِّ على موقع (فيس بوك ) من خلال الرابط التَّالي:

https://www.facebook.com/nahw.1com/posts/2032519483669206