متى يتَّصل المضارع بنون التَّوكيد، ولا يُبنَى على الفتح؟!

يسري سلال 12 يناير 2019 | 6:09 ص قضايا نحويَّة 14885 مشاهدة

متى يتَّصل المضارع بنون التَّوكيد، ولا يُبنَى على الفتح؟!
اجتماع نون التَّوكيد مع ضمائر الرَّفع في نفس الفعل
للأستاذ/ يسري سلال
برعاية موقع نحو دوت كوم – ومبادرة نَحْوَ نَحْوٍ جَدِيدٍ

من المواضع المربكة للكثيرين، اجتماع ضمير الرَّفع مع نون التَوكيد في نفس الفعل، ممَّا يؤدِّي إلى حيرة هؤلاء في إعراب الفعل في هذه الحالة:

– واللهِ لَتؤدُنَّ واجبكم.

الفعل هنا اتَّصلت به واو الجماعة، والتي حُذِفت لمنع التقاء السَّاكنَين (الواو + النَّون الأولى السَّاكنة من نون التَّوكيد المضعَّفة )، بالإضافة إلى نون التَّوكيد.

فلمَّا كان الفعل المضارع المتَّصل بواو الجماعة يُعَدُّ من الأفعال الخمسة؛ فيُفترَض أنَّه يُرفَع بثبوت النُّون، ويُنصَب ويُجزَم بحذف النُّون، كما أنَّ المضارع المتَّصل بنون التَّوكيد يكون مبنيًّا على الفتح، فإنَّ من هنا تنبع الحيرة، ويتولَّد السُّؤال: هل الفعل في هذه الحالة مرفوع بثبوت النُّون (باعتباره من الأفعال الخمسة )، أم هو مبنيٌّ على الفتح (لاتِّصاله بنون التَّوكيد )؟

وقبل أن نجيب، علينا أن نلاحظ أنَّ الفعل (تؤدُنَّ ) حُذِف منه ما يلي:
1 – نون الرَّفع؛ لكراهة توالي الأمثال، ولو لم تُحذَف لتجاور حرف النُّون ثلاث مرَّات (نون الرَّفع + نون التَّوكيد المضعَّفة المكوَّنة من نونَين ).
2 – واو الجماعة؛ لعدم تجاور ساكنَين.

ورغم حذف نون الرَّفع هنا للسَّبب الوارد ذكره، فالفعل مرفوع بثبوت النُّون، وليس مبنيًّا على الفتح. فما الدَّليل على أنَّه مرفوع، وليس مبنيًّا؟ وما مبرِّر ذلك؟

فأمَّا بالنِّسبة للدَّليل على كونه مرفوعًا، وليس مبنيًّا على الفتح، فهو أنَّ ما قبل نون التَّوكيد مضموم (لَتؤدُّنَّ )، ولو كان الفعل مبنيًّا على الفتح، لوجب فتح ما قبلها، في مثل قولك: واللهِ لَتؤدِّيَنَّ واجبك؛ فالياء مفتوحة، والفعل مبنيٌّ على الفتح.

وأمَّا بالنِّسبة لتعليل الرَّفع، وعدم البناء على الفتح، رغم اتِّصال الفعل بنون الـَّوكيد، فإنَّ تلك الظَّاهرة تعود – في رأيي – إلى سببَين:
الأوَّل: أنَّ واو الجماعة (وكذا أيّ ضمير رفعٍ آخر ) تصل بين الفعل ونون التَّوكيد؛ فتحبط عمل النُّون.

والثَّاني: أنَّ الواو ضمير، ونون التَّوكيد ليست ضميرًا؛ فكان من الطَّبيعيِّ أن يغلب تأثير الضَّمير أثر النُّون (وهذا مجرَّد رأيٍ شخصيٍّ بحتٍ ).

فهل هذا التَّأثير مقصور على واو الجماعة عندما تتَّصل بنفس الفعل مع نون التَّوكيد؟
لا؛ فنفس التَّأثير، وأقصد به عدم تأثُّر الفعل المضارع أو بنائه عند اتِّصاله بنون التَّوكيد، يحدث عندما يتَّصل المضارع بأيِّ ضمير رفعٍ آخر يمكن أن يتَّصل به الفعل المضارع، علمًا بأنَّ ضمائر الرَّفع التي يمكن أن تتَّصل بالفعل المضارع هي:
– ألف الاثنَين.
– واو الجماعة.
– ياء المخاطبة.
والفعل المضارع معها جميعًا يكون مرفوعًا بثبوت النُّون (ما لم يسبقه ناصبٌ ولا جازم )، حتَّى مع اتِّصاله بعد الضَّمير بنون التَّوكيد.
– نون النّسوة.
ومعها سيكون الفعل مبنيًّا على السُّكون لا الفتح.

وقد ذكرنا – فيما سبق – التَّغييرات التي تحدث عند اتِّصال الفعل المضارع المؤكَّد بالنُّون بواو الجماعة، ونعود فنجملها فيما يلي:

أ – يكون الفعل معربًا، وليس مبنيًّا، ويُعرَب هنا نفس إعراب الأفعال الخمسة.
ب – تُحذَف نون الرَّفع؛ لكراهة توالي ثلاثة أمثال.
ج – تُحذَف واو الجماعة؛ لامتناع تجاوُر السَّاكنَين.

والظَّاهرة المدهشة هنا أنَّه رغم حذف نون الرَّفع، فإنَّ الفعل يظلُّ مرفوعًا بثبوت النُّون،

وليس مبنيًّا، ورغم حذف واو الجماعة، فإنَّ تأثيرها يبقى حاضرًا، بل ويغلب تأثيرها تأثير

نون التَّوكيد، التي تصبح هنا وكأنَّها لم تكن!!

فما الذي يحدث عند اجتماع ألف الاثنَين مع نون التَّوكيد؟

تبقى الألف كما هي + تُحذَف علامة الرَّفع النُّون؛ لكراهة تعاقُب ثلاث نونات: النُّون علامة

الرفع، ونون التَّوكيد الثَّقيلة المؤلَّفة من نونَين: الأولى ساكنة، والثانية متحرِّكة + تُكسَر

نون التَّوكيد.
مثال:
يكتُبانِ + نون التَّوكيد الثَّقيلة = يكتبانِّ.
[ويُعرَب الفعل هنا إعراب الأفعال الخمسة، دون أيِّ تأثيرٍ لنون التَّوكيد ].

وما الذي يحدث عند اجتماع ياء المخاطبة مع نون التَّوكيد؟

تُحذَف علامة الرَّفع النُّون؛ لكراهة توالي ثلاث نونات + تُحذَف ياء المخاطبة المؤنَّثة لمنع التقاء السَّاكنَين + يُكسَر ما قبلها + تُضَاف نون التَّوكيد الثَّقيلة.
مثال:
تكتبين + نون التَّوكيد الثَّقيلة = تكتبِنَّ.
ملاحظة:
إذا كان ما قبل الياء مفتوحًا، تبقى الياء وتُُكسَر، ثمَّ تُضَاف نون التَّوكيد، بعد حذف علامة الرَّفع النُّون.
مثال:
ترضَين + نون التَّوكيد = ترضّيِنَّ.
[ويُعرَب الفعل هنا إعراب الأفعال الخمسة، دون أن تؤثِّر فيه نون التَّوكيد نهائيًّا ].

وما الذي يحدث عند اجتماع نون النّسوة مع نون التَّوكيد؟

إذا اتَّصلت نون التَّوكيد الثَّقيلة بفعل مضارع اتَّصلت به نون النّسوة، فصلنا بينهما بألفٍ؛ لكراهة تعاقُب ثلاث نونات، وكُسِرت نون التَّوكيد.
مثال:
يكتبْنَ + نون التَّوكيد الثَّقيلة = يكتبْنانِّ
[ويكون الفعل هنا مبنيًّا على السُّكون لا الفتح، كما أسلفنا ].