التَّنوين في اللغة العربيَّة

يسري سلال 24 أبريل 2018 | 1:47 ص قضايا نحويَّة 20153 مشاهدة

التَّنوين في اللغة العربيَّة

    التَّنوين ميزة في لغتنا العربيَّة لا نجدها في لغات أخرى؛ حيث تجد كثيرًا من المفردات يُرسَم على آخر حرف فيها ضمَّتان، أو فتحتان، أو كسرتان، وهو ما يُسَمَّى بـ (التنوين ) :
– جاء رجلٌ – قرأتُ كتابًا – مررتُ بمسجدٍ.
وسُمِّي التنوين (تنوينًا ) ؛ لأنَّنا ننطقه نونًا.

– والتنوين يتبع الحركات الإعرابيَّة، وتتغيَّر صورته بتغيُّر تلك الحركات على آخر الكلمة، فنقول:
– تنوين بالضمِّ، إذا كان الاسم المنوَّن مرفوعًا.
– تنوين بالكسر، إذا كان الاسم المنوَّن مجرورًا.
– تنوين بالفتح، إذا كان الاسم المنوَّن منصوبًا.

– واختلفت الأقوال في سبب دخول التنوين كلامنا العربي:
1 – فمنهم من قال إن التنوين يُستخدَم طلبا للخفة.
2 – ومنهم مَن قال – وهو الأهمُّ – إنَّه جاء للتمييز بين الاسم والفعل؛ حيث إن التَّنوين يدخل فقط على الاسم، أمَّا الفعل فلا يلحقه التَّنوين مطلقا.
3 – وفريق ثالث قال إن التَّنوين للتمييز بين الأسماء المصروفة، والأسماء الممنوعة من الصَّرف؛ فالمصروف يقبل التَّنوين، أمَّا الممنوع من الصَّرف فلا يُنوَّن.

– الأسماء التي لا يمكن تنوينها بأيِّ حال:
1- الاسم المعرَّف بـ (أل ) ؛ فلا يجتمع التنوين مع (أل ) التَّعريف في كلمة واحدة:
فنقول: جاء (رجلٌ ) .
أما مع (أل ) التعريف، فنقول: جاء (الرجلُ ) .
ولا نقول: جاء (الرجلٌ ).
2- الاسم المضاف:
مثل: حضر (معلِّمٌ ) ، فإذا قلنا: حضر (معلّمُ ) الفصل؛ فلا يمكن التَّنوين.
3- الاسم الممنوع من الصَّرف:
فنقول: زرتُ (أحمدَ ) ، ولا نقول: زرتُ (أحمدًا ).
ونقول: لديه (مفاتيحُ ) كثيرة، ولا نقول: لديه (مفاتيحٌ ) كثيرة.

ملاحظتان:
أ – يُلغَى نطق التَّنوين، عند الوقف على الكلمة المنَّونة؛ وذلك لانقطاع الصوت عندها:
فلا نقول: إنه مشهدٌ (عجيبٌ ) ، بل نقول: إنه مشهدٌ (عجيبْ ) .
وإن ظهرت علامة التَّنوين كتابة على الحرف الأخير.
وإذا كانت الكلمة المنوَّنة التي يوقف عندها منصوبة، فالتَّنوين هنا يُقلَب إلى ألف:
مثل: كان خالدٌ مسافرا.
ب – إذا كان الاسم المنًّون منتهيًا بتاء مربوطة، يتمُ الوقوف عليها بنطقها (هاء ) ، سواء أكانت مرفوعة، أم منصوبة، أم مجرورة:
فنقول: هذه مدينةٌ (جميلة ) تنطقها بالهاء لا بالتَّاء.

– الأسماء التي تُنَوَّن في النُّطق، ولا تلحقها ألف التَّنوين:
1 – الأسماء المنتهية بالتَّاء المربوطة (شجرة ) .
2 – الأسماء المنتهية بالألف المقصورة (كبرى ) .
3 – الأسماء المنتهية بالألف المهموزة (مبدأ ) .
4 – الأسماء المنتهية بالألف والهمزة (دعاء ) ؛ لكراهة وقوع الهمزة بين ألفين، فإذا انتهى الاسم بالهمزة، دون ألفٍ قبلها، تلحقه ألف التَّنوين (ضوء: ضوءًا ) .

– فوئد التَّنوين ودلالاته:
التَّنوين لم يأتِ في اللغة عبثًا، بل لتوضيح معنى، وكلُّ متمعِّنٍ في اللغة يدرك أنَّ أيَّ زيادة على مبنى الكلمة، تؤدِّي في الغالب إلى زيادة في المعنى:
ومن أهمِّ تلك الدلالات والفوائد:
1- الدِّلالة على خفَّة الاسم المصروف، وعلى تمكُّنه في باب الاسميَّة:
فالفعل لا يُنَوَّن؛ لثقله، أمَّا الاسم فقد يلحقه التَّنوين لخفَّته. وهذا يُسَمَّى (تنوين التَّمكين ) .

2 – الدَّلالة على التَّنكير وعدم التَّحديد:
وغالبًا يلحق هذا التَّنوين أسماء العَلَم المنتهية بلفظ (ويه ) ، مثل (سيبويه ) ، و (خالويه ) :
فإذا كنتَ تتحدَّث عن شخص معيَّن في ذهنكَ، فهنا لا يلحقه التَّنوين؛ لأنَّه اسم مبنيٌّ:
فتقول: مررتُ بسيبويه.
ولا تقول: مررتُ بسيبويهٍ.
أما إذا كنتَ تتحدَّث عن شخص غير محدَّد، يُسَمَّى بهذا الاسم، وليس معهودًا بينكَ وبين مَن تتحدَّث معه؛ فالتَّنوين هنا يلحق باسمه للدَّلالة على التَّنكير.
فتقول: مررتُ بسيبويهٍ.
وهذا يُسَمَّى (تنوين التَّنكير ) .

3- التَّنوين في بعض أسماء الأفعال للدَّلالة على التَّوسع في المعنى، وعدم التَّحديد:
فحين تقول لشخص: (صَهْ ) ، بتسكين الهاء، وبدون تنوين، فأنتَ تعني أن يسكت المتكلِّم عن كلام معيَّن يتحدَّثِ به، وأن يتحدَّث بغيره.
أمَّا إذا قلتَ له: (صَهٍ ) ، بتنوين الهاء، فأنتَ تعني أن يسكت عن الكلام نهائيًّا، و لا يتحدَّث بأيِّ شيء.

4- الدَّلالة على التَّعويض:
– حيث يحلُّ التَّنوين محلَّ شيء محذوف في الكلمة، ويكون عوضا عنه، مثل أن يُحذَف حرف الياء من الاسم المنقوص النكرة عند الرفع والجر، ويحلّ التنوين محلَّه:
مثال: هذا قاضٍ – مررت بوادٍ.
فالتَّنوين هنا تعويض عن حرف الياء المحذوف.
– هذا وقد يأتي التَّنوين عوضًا عن كلمة، كحذف المضاف إليه، وإبقاء المضاف، مثل لفظيِّ: (كلّ، وبعض ) :
فنقول: (كلٌّ ) يطلب حقه.
فالتَّنوين هنا جاء للدلالة على حذف المضاف إليه.
وأصل الجملة:(كلُّ ) شخص يطلب حقه.
– وقد يأتي التنوين للدلالة على جملة أو أكثر، وغالبًا في كلمة (حينئذٍ ) ، أو (عندئذ ) ، أو (يومئذ ) ، وما شابه ذلك:
مثال: إذا درس الطالب واجتهد، (ساعتئذٍ ) يطمئنُّ إلى نتيجة الامتحان.
فهنا أغنى التنوين عن تكرار الجملة التي قبل كلمة (ساعتئذٍ ) .

5- تنوين المقابلة:
وهو اللاحق بجمع المؤنَّث السَّالم، مثل: هؤلاء (سيِّداتٌ ) ، رأيتُ (سيِّداتٍ ) :
وسُمِّي بـ (تنوين المقابلة ) ؛ لأنَّه يقابل النُّون في جمع المذكَّر السَّالم؛ حيث إنَّ جمع المذكَّر السَّالم النَّكرة لا يُنَوَّن؛ لأنَّ النُّون أغنته عن التَّنوين (مسلمون، مسلمين ) .
أما جمع المؤنَّث السَّالم، فيلحقه التَّنوين الذي يعادل النُّون في جمع المذكَّر السَّالم.

ملاحظة:

يمكنكم قراءة المقال من خلال حسابنا على موقع فيس بوك .. من خلال الرَّابط التَّالي:

https://www.facebook.com/nahw.1com/posts/2029774173943737