مَن سار على الدرب وصل

يسري سلال 24 أبريل 2018 | 1:41 ص عامٌّ 1719 مشاهدة

مَن سار على الدرب وصل

إذا سألتني: ما حكمتك في الحياة؟ لقلتُ بدون تفكيرٍ: مَن سار على الدرب وصل

أنظر إلى ما تمَّ إنجازه من الموقع فأشعر بعظيم الامتنان لله (عزَّ وجلَّ ) الذي أعانني رغم كل ما مرَّ بي على إتمام هذا العملَ

أربع سنوات كاملة مرَّت عليَّ

ولو كنت أعلم يوم قرَّرتُ البدء في هذا العمل الجليل أنه سيحتاج كل هذه السنوات وكل هذا الجهد ربما لثبط ذلك من عزمي، وصدَّني عما نويته

أربع سنواتٍ كاملة كنت أعمل خلالها بمتوسط 10 ساعات متواصلة يوميًّا (عملتُ كثيرًا لحوالي خمس عشرة ساعة يوميًّا ) .. كنت أعمل أحيانًا من الفجر وحتى المغرب، وكنت أعمل أحيانًا من الثانية عشرة ليلا وحتى العصر.

وأورثني هذا الإنهاك عاهتين مستديمتين: الأولى في أصبعي الوسطى بيدي اليمنى، والأخرى في كتفي الأيمن.

وبعد أن انتهيت من مهمتي صرتُ حطام إنسان هدته الأمراض: ما بين السكر في أسوأ صوره، وقرحة بالقدم اليسرى سيكون لها ما بعدها، وتورم في القدمين بسبب توقف الدورة الدموية بهما نتيجة لضيق الأوردة العميقة بالقدمين، وهو ما يحول دون تحرك الدم من القدمين إلى القلب

ويعلم الله أنني انتظرتُ الموت خلال هذه السنوات عشرات المرات

ودائمًا كنتُ أدعو الله أن يمهلني حتى أُتِمَّ هذا العمل

كنت أفرض على نفسي كمًّا معينًا من العمل لا أتراجع عنه مهما حدث، ومهما كانت ظروفي الصحية

وكنت أنتهز فرصة أي وقت فراغٍ أجده، حتى أنني كنت أستغلُّ وقت فراغي في المدرسة للكتابة وتجهيز الامتحانات

لا وقت للراحة

ولا فرصة للترفيه

ولا صوت يعلو فوق صوت المهمة العظيمة

لا يراني أولادي إلا منكفئًا على الجهاز، أو ملتمسًا وقتًا يسيرًا للراحة

ولا يراني زملائي إلا منكفئًا على ما بيدي من أوراق

تعوَّدتُ على عدم إضاعة الوقت

إذا (انقطعت ) الكهرباء أو (فصل ) الانترنت قمت بالكتابة يدويًّا

المهم ألا أضيع دقيقةً واحدةً

وكلما ازدادت آلامي بسبب تفاقم حالتي الصحية قلت لنفسي:

الحمد لله الذي ابتلاني

ما ابتلى إلا ليغفر .. ويرفع به الدرجات

وكلما خطوتُ خطوةً إلى الأمام دفعني ذلك للمزيد من الخطوات، وما أنهيت جزءًا من موسوعة الامتحانات التفاعلية إلا زادني ذلك أملا في إنجاز المزيد

وكلما تقدَّمتُ إلى الأمام ازددتُ أملا أن الله الرحيم سيعينني على إتمام ما بدأته

سرتُ على الدرب الصعب منهكًا ومثقلا بالأمراض، ولكنني وصلتُ في النهاية

وحقًّا

مَن سار على الدرب وصل.