اختر مصيرك: البتر .. أو الفشل الكلويُّ .. أو الموت !!

يسري سلال 24 أبريل 2018 | 2:34 ص شخصيٌّ 1903 مشاهدة

اختر مصيرك: البتر .. أو الفشل الكلويُّ .. أو الموت !!

    تخيَّل معي أن تجد نفسك محاصرًا بهذه الخيارات الثلاثة .. حيث لا خيار رابعًا .. وأنَّ عليك الاختيار

بينها.
ملاحظة قبل الاستطراد:
1 – هذا هو البوست الشخصيُّ الأخير .. وبعدها وخلال الفترة التي سيُقدَّر لي الحياة فيها سأعود إلى سابق

عهدي .. وأقصر منشوراتي على النَّحو ولا شيء سواه.
2 – قمت باستثناء المحافظة التي أسكن فيها من عرض هذا المنشور على صفحات الأصدقاء بها .. حتى

لا أزعج تلاميذي (السِّابقين، أو الحاليِّين ) بقراءة هذا الكلام الموجع.
وبالعودة إلى المنشور:
    سبق أن حكيت أنَّني مريض بثلاثة أمراض رئيسيَّة (وأحمد الله الذي ابتلاني وعافى أولادي ) هي

السُّكَّر .. وقرحة السَّاق .. والسِّمنة المفرطة .. حيث (وعلى التَّوالي ) : تسبَّبت السِّمنة المفرطة في

إصابتي بالسُّكَّر منذ أكثر من 10 سنوات .. ثم تسبَّب السُّكَّر في إصابتي بالقرحة منذ حوالي 5 سنوات

.. ثالوث مروِّع وخطير .. حيث السُّكَّر مرض مزمن لا أمل في الشِّفاء منه .. وحيث القرحة تتفاعل طرديًّا

مع السُّكَّر .. يرتفع السُّكَّر فتتضاعف آلام القرحة.
    وفي الحقيقة فأنا على استعداد أن أتعايش مع سمنتي المفرطة .. بل وأن أتعايش مع السُّكَّر .. لكنَّ

ما لم أستطع التَّعايش معه هو آلام القرحة التي يستحيل وصفها بأيِّ حال من الأحوال .. ألم بشع مجنون

لا يتوقَّف ليل نهار.
    ومع أنَّ القرحة وريديَّة وليست قرحة سكَّر .. ولا يوجد بها غرغرينة .. إلا أنَّني وخلال خمس سنوات

متواصلة فشلت في علاجها .. ممَّا أدَّى إلى تضاعف حجمها عدَّة مرَّات .. وبالتَّالي تضاعف الألم عدَّة

مرَّات .. وبات من المستحيل أن أحيا بدون الحقن المسكِّنة .. ورغم أنَّ حجم الألم واستمراره طوال 24

ساعة يفرض عليَّ أخذ 3 حقن مسكِّنة في اليوم إلا أنَّني أكتفي بأخذ حقنة مسكِّنة واحدة يوميًّا لأتمكَّن من

أخذ قسط من الراحة لمدَّة 5 ساعات يوميًّا (هي مدَّة عمل الحقنة المسكِّنة ) .. ثم تحمُّل الآلام الشَّنيعة

لبقيَّة اليوم .. خوفًا من الآثار المدمِّرة للحقن المسكِّنة.
    ولمَّا كنت أتناول الحقن المسكِّنة بانتظام منذ 9 شهور وحتَّى اليوم فقد أصبحت معرَّضًا بشكلٍ مريعٍ

للإصابة بالفشل الكلويِّ في أيِّ لحظة.
    وجاءت لحظة مواجهة الحقيقة .. تلك اللحظة الحاسمة والتَّاريخية التي عليَّ أن أواجه فيها تلك الخيارات الثَّلاثة: البتر .. أو الفشل الكلويُّ .. أو الموت.
    ولمن يعتقد بأنَّ هناك خيارًا رابعًا وهو العلاج أقول له: لا أمل في العلاج .. فقد ذهبت إلى عشرات الأطبَّاء

في تخصُّصات: الأوعية الدَّمويَّة .. والجراحة العامَّة .. والقدم السُّكَّريِّ طوال 5 سنوات بلا فائدة .. وأغلب

الظَّنِّ أنَّ العلاج موجود في الخارج .. حيث لا أمل لأمثالي في الحصول عليه نهائيًّا.
    وبالعودة إلى الخيارات الثَّلاثة فقد بدأت أفكِّر في كلِّ خيارٍ على حدة .. من حيث مميِّزات كلِّ خيار وعيوبه ومخاطره المحتملة .. لأختار من بينها .. وما توصَّلت إليه بهذا الخصوص كان كالتَّالي:
الخيار الأوَّل: البتر:
المميِّزات:
1 – سأرتاح أخيرًا من الآلام التي أحالت حياتي إلى جحيم.
2 – سأوفِّر تكاليف العلاج والغيار على الجرح التي أعاني الأمرَّين في سبيل توفيرها .. وأوفِّر هذه المبالغ

لتلبية احتياجات أطفالي (لا أملك من الدُّنيا مصدرًا للدَّخل إلا وظيفتي .. وأنا ملزم بتغطية نفقات موقع نحو

دوت كوم من راتبي لأنَّني نذرت الموقع وقفًا لله تعالى ) .
3 – سأتوقَّف عن أخذ الحقن المسكِّنة .. ومن ثمَّ سأحافظ على حياتي بشكلٍ مؤقَّتٍ .. وإلى أن يقضي الله أمرًا كان مفعولا.
العيوب:
1 – لا أملك تكلفة إجراء جراحة البتر .. ولا يمكن إجراء الجراحة في التَّأمين الصِّحِّيِّ .. حيث يرفضون

بإصرار إجراءها بحجَّة أنَّ القرحة ليست قرحة سكَّر ولم تصل بعد إلى مرحلة الغرغرينا .. ورغم تأكيدي

على أنَّ الجراحة ستكون على مسئوليَّتي الشَّخصيَّة .. وأنَّني سأوقِّع على ما يفيد بأنَّها تمَّت بناءً على طلبي

.. إلا أنَّهم أصرُّوا على الرَّفض.
2 – بعد العمليَّة سأحتاج إلى طرفٍ صناعيٍّ وكرسيٍّ متحرِّكٍ يتَّسع لشخصٍ بحجمي .. ولا طاقة لي ولا قدرة على توفير مثل هذه المستلزمات لضخامة تكلفتها.
3 – ستصبح خدمتي شبه مستحيلة .. حيث مَن سيستطيع حملي إلى الحمَّام مثلا بوزني الثَّقيل (وزني 165 كيلو ) وأولادي لا يزالون أطفالا؟
4 – أطفالي يشعرون بالفزع كلما طرحت عليهم هذا الاقتراح .. ولا يكفُّون عن البكاء كلما تخيَّلوا أباهم بساقٍ واحدةٍ .. وأكره أن أكسر قلوبهم بهذا المشهد.
5 – قرار البتر يحتاج إلى شجاعة وقوَّة إرادة .. وأنا أفتقد هذه الصِّفات كليًّا.
الخيار الثَّاني: الفشل الكلويُّ:
    أسوأ الفروض والاختيارات على الإطلاق .. إلى درجة أنَّ خيار الموت مقارنةً به يُعَدُّ خيارًا مثاليًّا ورائعًا .. ولا يوجد أيُّ ميزة لهذا الخيار .. أمَّا المخاطر والعيوب فحدِّث ولا حرج:
1 – أسوأ ما في هذا الخيار الشَّنيع أنَّه لن يكون بديلا للقرحة .. وإنَّما سأجمع (في حالة حدوثه ) بينه وبين القرحة .. وهو الاحتمال المرعب الذي لا يمكن تصوُّره.
2 – تبقى الظُّروف المادِّيَّة هاجسًا مخيفًا في هذه الحالة أيضًا .. حيث لا يمكنني تحمُّل تكلفته بأيِّ صورة.
3 – ستمثُّل سمنتي المفرطة في هذه الحالة طوقًا وحشيًّا حول عنقي .. إذ كيف سأنتقل للمستشفى مرَّتين أسبوعيًّا لإجراء جلسة الغسيل الكلويِّ والعياذ بالله؟ ومَن الذي سيحملني؟ ومَن الذي سيقوى على خدمتي؟
الخيار الثَّالث: الموت:
المميِّزات:
1 – الموت راحةً أبديَّة .. ليس للقرحة فقط .. وإنَّما لكلِّ مشاكل وآلام الحياة.
2 – سترتاح أسرتي وزوجتي الصَّابرة سواء من عبء تكاليف علاجي .. أو من عبء خدمتي الثَّقيلة … وسيرتاح أطفالي الصِّغار أخيرًا من سماع صراخي المتواصل من شدَّة الألم.
3 – سأهرب من ذلك الخيار الملعون .. الإصابة بالفشل الكلويِّ.
العيوب:
1 – لا شيء أقسى على النَّفس من التَّفكير في فراق أطفالي .. ورغم أنَّ عندي 4 أطفال إلا أنَّ أكثر مَن يشغلني ويحزُّ في نفسي هي ابنتي الثَّالثة (ندى ) ذات ال 8 سنوات .. لأنَّها أكثرهم ارتباطًا بي .. ولا أتوقَّف عن التَّفكير فيها وفي مصيرها في حالة موتي .. ولا يفارق مخيَّلتي مشهد مروِّع أتخيَّلها فيه وهي تبكي بعد موتي وتقول: أنا عايزه بابا.
2 – أصعب ما في هذا الخيار أنَّني تركت لأسرتي تركةً ثقيلةً .. وخبرًا مؤلمًا لا يعرفونه حتَّى الآن .. وأخشى من مجرَّد ذكره .. ولا أعرف كيف سيستقبلون هذا الخبر الذي سيهدِّد مستقبلهم بشكلٍ مباشرٍ.
بالله عليكم أن تضعوا أنفسكم مكاني (عافاكم الله جميعًا ) .. وأن تشيروا عليَّ .. أيُّ هذه الأمور أختار؟

ملاحظة:
يمكنكم قراءة المقال من خلال حسابنا على موقع فيس بوك .. من خلال الرَّابط التَّالي:

https://www.facebook.com/nahw.1com/posts/1933107486943740