إلى (بعض ) واضعِي الامتحانات: كفاكم سخافة!!

يسري سلال 11 مايو 2019 | 3:03 ص الامتحانات .. نظرة نقديَّة 1682 مشاهدة

إلى (بعض ) واضعِي الامتحانات: كفاكم سخافة!!

بقلم الأستاذ/ يسري سلال

برعاية موقع نحو دوت كوم – ومبادرة نَحْوَ نَحْوٍ جَدِيدٍ

 

من أهمِّ خصائص السُّؤال أن يكون واضحًا (لا غموض فيه ) ومحدَّدًا (له إجابة محدَّدة )، وهذا شيء يعرفه أقلُّ المعلِّمِين خبرةً، ولكن يؤسفني أن أقول إنَّه يجهله – في نفس الوقت – غالبيَّة واضعي الامتحانات. فإن تعجَّبت من أن يعرف مثل تلك القواعد (أقلُّ ) المعلِّمِين خبرةً، في حين يجهلها (غالبيَّة ) واضعِي الامتحانات، فلا تعجب أخي الفاضل؛ فإنَّها إرادة الله؛ فالواقع أنَّ (غالبيَّة ) واضعِي الامتحانات أسوأ من (أقلِّ ) المعلِّمِين خبرةً، ذلك أنَّهم يُختارون على أسسٍ كثيرة، ليس من بينها (الكفاءة )!!!!

 

المهمُّ ..

عندما يطلب واضع الامتحان استخراج (مفعولٍ مطلقٍ ) مثلا من القطعة، فلا مشكلة في السُّؤال، حتَّى في حالة وجود أكثر من مفعولٍ مطلقٍ، وفي هذه الحالة تُدرَج جميع الكلمات التي تُعرَب مفعولا مطلقًا في نموذج الإجابة، وتُحتسَب إجابة الطَّالب كإجابةٍ صحيحةٍ، ما دام قد اختار إحداها.

 

أمَّا عندما يرد السُّؤال التَّالي؛ فإنَّها تصبح مهزلةً:

مصر أكثر الدُّول العربيَّة استقرارًا. حدِّد الفعل الذي صِيغ منه اسم التَّفضيل.

 

هنا، يحاول واضع الامتحان أن يتذاكى (بصفته أنصح إخواته!! )؛ فيورد سؤالا أبله بهذا الشَّكل، وهو يحسب أنَّه عبقريُّ العباقرة!! في حين أنَّه يثير السُّخرية والرِّثاء، ليس أكثر!!

 

طبعًا يتوقَّع صاحبنا أن يجيب الطَّالب: استقرَّ؛ على أساس أنَّ المتكلِّم يقصد صياغة اسم التَّفضيل غير المباشر من الفعل (استقرَّ )، ولكن: ماذا إذا أجاب الطَّالب: كثر؛ على أساس اسم التَّفضيل المباشر (أكثر )؟!! هل تُعَدُّ إجابته غير صحيحة؟!!

 

لا يدرك واضع السُّؤال أنَّ المتكلِّم عندما (أجبِر ) على صياغة اسم تفضيلٍ غير مباشرٍ من الفعل (استقرَّ )؛ بوصفه فعلا غير ثلاثيٍّ، وبالتَّالي غير مستوفٍ للشُّروط، اُضطُرَّ؛ كما تفرض عليه القاعدة، إلى استجلاب اسم تفضيلٍ مباشرٍ مساعدٍ (وهو أكثر )؛ فتضمَّنت الجملة بالتَّالي اسم تفضيلٍ مباشرٍ (من الفعل كثر )، واسم تفضيلٍ غير مباشرٍ (من الفعل استقرَّ )!!

 

هذا السُّؤال، بهذه الصِّيغة، يصحُّ مثلا في الجملة التَّالية: اللَّيل أطول من النّهار؛ حيث تضمَّنت الجملة اسم تفضيلٍ واحدٍ، وهو أطول؛ فالفعل الماضي الذي صِيغ منه اسم التَّفضيل هنا هو (طال ). وهكذا يكون السُّؤال محدَّدًا، والإجابة محدَّدة.

 

فإذا تفهَّمنا أنَّ واضع الامتحان – عندما جاء بجملةٍ تضمَّنت هذه المفارقة – لم يلتفت لهذه الحقيقة، التي دعا إليها ضرورة صياغة اسم التَّفضيل بطريقةٍ غير مباشرةٍ؛ لأنَّ الفعل غير مستوفٍ للشُّروط، فماذا نقول عندما يأتي – سامحه الله – بجملةٍ يتمُّ صياغة اسم تفضيلٍ [غير مباشرٍ ] من فعلٍ [مستوفٍ للشُّروط أصلا ]:

– المجتهد أشدُّ علمًا من المهمل. حدِّد الفعل الذي صِيغ منه اسم التَّفضيل.

 

أطلع من هدومي!!!!

هي الدُّنيا ضاقت في وشّك يا بعيد؟!!

 

طب ما تقول: المجتهد أعلم من المهمل؛ فتعفي الطَّالب من التَّخبُّط بين (علم ) الذي صِيغ منه اسم تفضيلٍ غير مباشر، و (شدَّ ) الذي صِيغ منه اسم تفضيلٍ مباشرٍ، وتعفينا نحن أيضًا من كتابة هذا المقال، و (هزّ بدنك ) بهذا الكلام!!!!

 

طبعًا لا مشكلة في صياغة اسم تفضيلٍ غير مباشرٍ من فعلٍ مستوفٍ للشُّروط؛ والجملة صحيحة لغويًّا، ولكنَّ المشكلة، كلَّ المشكلة، أن تأتي في جملةٍ واحدةٍ بتفضيلٍ من فعلَين: الأوَّل مباشر، والثَّاني غير مباشر، وعندما يثور المصحِّحون، تُضطَرُّون – كما هي عادتكم – إلى تهدئة الرَّأي العام بإجازة كلِّ الإجابات (حتَّى لو كان بعضها بعيدًا عن المنطق )!!

 

خلِّيتونا عبرة .. منكم لله!!