آخر (افتكاسات ) واضعي امتحانات النَّحو!!

يسري سلال 18 يناير 2019 | 4:48 ص قضايا نحويَّة 2660 مشاهدة

آخر (افتكاسات ) واضعي امتحانات النَّحو!!
بقلم الأستاذ/ يسري سلال
برعاية موقع نحو دوت كوم – ومبادرة نَحْوَ نَحْوٍ جَدِيدٍ
 
عندما كلَّفوا (اللمبي ) بتدريب المنتخب الوطنيِّ، وطلبوا منه الصُّعود بالمنتخب إلى كأس العالم، قال (بصوته المعهود ): احنا مش هنروح كاس العالم سعادتك .. كاس العالم هو اللي هييجي لحدّ عندنا .. وفي تاكسي!!
 
يسلم فمّك يا لمبي .. هو ده الجديد بقى!!
 
أمَّا عندما كلَّفوا شخصًا بوضع امتحان نهاية الفصل الدِّراسيِّ الأوَّل، للصَّفِّ الثَّالث الإعداديِّ بمحافظة دمياط، فقد فكَّر طويلا كيف يأتي بامتحان مختلف، امتحان جديد، يضع عليه بصمته الخاصَّة، ثمَّ قال: كلّهم بيجيبوا كلمة في سؤال الكشف في المعجم، أنا بقى لازم أكون مختلف، بس هأكون مختلف ازَّاي يا ترى؟ أجيب كلمة صعبة مثلا؟ قديمة.. أجيب كلمة معناها مش واضح عشان أدوَّخ الطَّالب؟ عملوها قبلي كتير.. أجيب كلمة فيها إعلال وإبدال (اللي هو مش مقرَّر في التَّعليم المصريّ نهائيًّا أصلا )؟ مش كفاية .. حتَّى برقت الفكرة الجديدة في عقله أخيرًا: هأجيب لهم جملة، وأقول لهم: اكشف عنها في المعجم!!!!
 
هههههههه
دي بقى ضحكتي أنا!!
 
أقسم بالله، هذا ما حدث بالفعل، أتى سيادته بجملة، وقال: كيف تكشف عنها في المعجم!!
 
قال لهم تحديدًا: كيف تكشف في المعجم عن (كلمة ) حبَّذا، وسمَّاها هكذا بكلِّ بجاحة .. (كلمة ) فهل هذه كلمة أم جملة يا أيُّها العبقريُّ؟!!
 
تخيَّل أن يطلب منك أحدهم الكشف في المعجم عن: نجح الطَّالب!!
 
لا أعرف ماذا دار في ذهن سيادته في الحقيقة، ولعلَّه يعتقد أنَّها (كلمة ) فعلا، ولا يدري
أنَّ هذا تركيب مكوَّن من فعل ماضٍ جامد + فاعل، بل الأسوأ غالبًا أنَّه ربَّما يعتقد أنَّه
سيُكشَف عنها بالمعجم في مادَّة (حبذ ) .. كما جعل الطُّلاب المساكين يتخبَّطون اليوم،
كمثل قولك: حبَّذ الرَّجل القراءة (أي: فضَّل )، الله وحده أعلم بالنِّيَّات.
 
وفي الآخر يغضب الأخوة وينتقدونني؛ بادِّعاء أنَّني أشهِّر بزملائي، أمَّا عشرات الآلاف من الطُّلاب الذين يتمُّ اللَّعب بمستقبلهم، فلا يجدون مَن يهتمُّ لأمرهم؛ لأنَّهم حثالة (همّ واللي جابوهم )، ولا يستحقُّون أن يغضب لأجلهم أحد!!
 
أقسم بالله، لقد كرهت المعلِّمين الذين يعتقدون أنَّ المعلِّم فوق النَّقد.
 
عندما يراسلني زميل فاضل متعجِّبًا من وجود مضاف إليه نكرة، أو من نعت يخالف منعوته في علامة الإعراب، أو من وجود شيء اسمه ضمير فصل، أو غير ذلك من العجائب، عندما يراسلني أحدهم؛ فأقوم بتصوير المحادثة، ونشرها في اليوم التَّالي؛ فهذه هي الإساءة، وهذا هو التَّشهير.
 
فأنا أعرف أنَّ هذا نوع من الضَّعف الإنسانيِّ الذي يستحقُّ أن يُستَر، مع نصحهم بأن يعوِّضوا هذا النَّقص؛ مراعاةً لمصلحة الطُّلاب الذين يُعَدُّون أمانةً في أعناقهم.
 
وأنا مستعدٌّ أن أسامحك إذا قلتَ للطُّلاب في الفصل: إنَّ (قُرآن ) ممنوعة من الصَّرف؛ لأنَّها تنتهي بألف ونون زائدتَين!! وسأغفر لك من كلِّ قلبي إذا قلتَ لطلابك في المجموعة: إنَّ (تقومون ) مرفوع بالواو!! وحتَّى إذا اعتقدتَ أنَّ التَّاء المتَّصلة بالفعل في قولك: أنتِ ذاكرتِ دروسكِ، هي تاء التَّأنيث؛ لأنَّك تخاطب أنثى!! فسوف أكتفي بأن أدعو الله لي ولك بالهداية.

 آخر (افتكاسات ) واضعي امتحانات النَّحو!! :

ففي النّهاية، فإنَّ ضحايا هذه (الكبائر ) محدودون (رغم أنَّ طالبًا واحدًا يستمع إلى هذه الأهوال يستحقُّ أن تقوم الدُّنيا لأجله ولا تقعد واللهِ ).
 
أمَّا إذا قرَّرتَ، طائعًا مختارًا (فضلا عن أن تطلبها وتسعى إليها سعيًا ) أن تتحمَّل مسئوليَّة عشرات الآلاف من طلاب الشّهادة الإعداديَّة؛ ليكونوا ضحايا لهذا السَّفه، فسنقف لك بالمرصاد، ولنفضحنَّك على رءوس الأشهاد.
 
لذلك، مفيش داعي تستظرف وتقول: راعِ حرمة المعلِّم، والفت نظر واضع الامتحان على الخاصِّ!!!!!! فأنا واللهِ ماسك لساني بالعافية .. ومش عايز أغلط فيكم .. رغم أنَّ على طرف لساني كلمات قبيحة وألفاظ خارجة!! وماذا سنستفيد من لفت نظر سيادته بلطف لخطيئته الشَّنيعة؟!! هل ليتجنَّب الخطأ في المرَّات القادمة مثلا؟!! وما فائدة ذلك إذا كان سيادته لن يضع الامتحان العام القادم؟!! وغالبًا لن يضع امتحانًا مرَّة أخرى في حياته .. وهل المهمّ لفت نظر سعادته .. أم لفت نظر مَن سيضعون الامتحانات في السَّنوات القادمة ليعتبروا ويأخذوا العظة ويكونوا قدر المسئوليَّة؟ وكيف سيتحقَّق ذلك إذا خاطبناه في السِّرِّ؟!!
 
أمَّا الذين سيغضبون، ويقولون: طب ما الكلّ بيغلط!! واشمعنى يعني المدرِّسين اللي بتتكلِّموا عليهم!! وعفا الله عمَّا سلف!! وارحموا عزيز قومٍ ذلّ!! واكفوا على الخبر ماجور!! وخلاص حرَّم ومش هايعملها تاني!! فهؤلاء لا يستحقُّون عناء الرَّدِّ؛ لذلك مش هأردّ عليهم!!
 
وهؤلاء أنفسهم بالمناسبة هم مَن غضبوا وثاروا وهاجوا وماجوا؛ بسبب التَّحقيق مع زميلهم الذي سخر من لون بشرة (بسملة )؛ من باب عصبيَّة الجاهليَّة، وساقوا نفس الأعذار الكريهة، وكان ناقص يقولوا أيَّامها: ماكانتش حتّة بتّ سودة اللي مقوِّمين الدُّنيا عشانها!!
 
تمامًا مثل وزيرهم الهُمام الذي خرج أمس بالتَّصريح الذي ستتوارثه الأجيال؛ عنوانًا على الحماقة؛ حيث قال ردًّا على تسريب امتحانات الصَّفِّ الأوَّل الثَّانويِّ: اللي بيغشّ بيغشّ نفسه!!
 
هههههههه وكان ناقص يقول: أهيب بأبنائي الطُّلاب أن يغضُّوا أبصارهم عن الإجابات الموجودة على الانترنت قبل الامتحان بليلة؛ ويعملوا نفسهم مش واخدين بالهم، وما يغشُّوش بالعند فيمَن سرَّب الأسئلة؛ باعتبار إنّ اللي بيغشّ بيغشّ نفسه!! أو يحلِّف كلّ طالب قبل ما يدخل اللَّجنة (على طريقة عادل إمام ): وحياة الأخوَّة ما شفت الإجابات امبارح!! أو ينشر نداء في كلِّ وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئيَّة يقول فيه: أستحلفكم بالله ما تطاوعوا الشِّيطان وتغشُّوا!!
 
وزير يشلّ .. ووزارة تشلّ .. ومعلِّمين يشلُّوا أقسم بالله!!